مؤتمر منتدى المواطن العالمي يسلط الضوء على التحديات التي تواجه تحقيق عالم بلا حدود

  • المؤتمر الذي يستضيفه بنك الدوحة يركز على الحاجة إلى سد الفجوات التي تعيق التنمية من خلال الترويج لنمو عادل وشامل
     
  • سعادة الدكتور ناصر عبد العزيز النصر يطلق رسمياً كتابه على هامش المؤتمر

الدوحة، 15 يناير 2015: اجتمع كبار قادة الشركاء والمجتمع في الدوحة مساء (الأربعاء 14 يناير 2015) لمناقشة التحديات والفرص التي يوفرها التكامل الاقتصادي العالمي ودراسة استراتيجيات النمو الشامل خلال مؤتمر استضافه بنك الدوحة في فندق فور سيزونز، الدوحة. وأقيم المؤتمر برعاية منتدى المواطن العالمي تحت شعار “تشجيع التكامل الاقتصادي سعياً إلى عالم بلا حدود”. وقد حضرة سعادة الشيخ/عبد الرحمن بن محمد بن جبر آل ثاني، العضو المنتدب لبنك الدوحة.

18 Jan 2015 - 1

وترأس المؤتمر سعادة الدكتور ناصر عبد العزيز النصر، الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات والرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أطلق رسمياً على هامش المؤتمر كتابه والذي يحمل عنوان “عام تحت قبة الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد تم إهداء سعادة الشيخ/عبد الرحمن بن محمد بن جبر آل ثاني النسخة الأولى من الكتاب.

واستهل المؤتمر بإلقاء الدكتور ر. سيتارامان، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الدوحة كلمة افتتاحية تناولت تنامي التكامل الاقتصادي العالمي، مستشهداً بالأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 ليؤكد على تعميق التداخل في العلاقات بين الناس والشركات والبلدان وتنامي العلاقات المتبادلة فيما بينهم في العالم الحديث. وقال الدكتور سيتارامان: “عندما حدثت الأزمة الاقتصادية عام 2008، اعتقدت الحكومات أنها تستطيع حل المشكلة من خلال تحسين السيولة المالية. ونتيجة ذلك، تم ضخ مليارات الدولارات في السوق لتحفيز النمو ورفع الاقتصادات العالمية وإخراجها من الركود. غير أن النتيجة كانت عكسية، فقد تحولت أزمة السيولة إلى أزمة تمويل، وأصبحت أزمة التمويل قضية متعلقة بالقدرة على إيفاء الديون، والتي تحولت بدورها لاحقاً إلى قضية سيادة. وبعد مرور ست سنوات، أصبح من المؤكد أن النمو المستدام لا يزال غير واضح المعالم.”

وأضاف بالقول: “إن أردنا المحافظة على النمو العالمي، ينبغي تحديد سبل ووسائل بناء شراكات عالمية وإعادة تنظيم استباقي في سوق العملات والقطاع التجاري والمصرفي والمالي. علينا أن نتحد يداً بيد ونتبع سياسات واقتصادات موحدة، وينسحب الأمر على الأفراد والمجتمعات أيضاً. ثمة الكثير من الفرص في العالم إن فكرنا بالعالم من دون حدود. وهناك تحديات الأمن الغذائي حيث من المتوقع أن ينمو سكان العالم في المستقبل كذلك هناك مجالات تتطلب رعاية واهتمام متمثلة في تحقيق المساواة بين الجنسين والرعاية الصحية للأطفال والتعليم وغيرها من المجالات الهامة الأخرى مع الأخذ في الاعتبار أن المواطنة العالمية هي الحل الأمثل لكافة تلك الأمور.”

18 Jan 2015 - 3

وخلال كلمته عقب إطلاق كتابه الذي يسرد الأحداث التي جرت أثناء ترأسه للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد سعادة الدكتور ناصر عبد العزيز النصر على الارتباط الوثيق بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتكامل الاقتصادي. وقال سعادته: “يمكن للتكامل الاقتصادي جسر الهوة بين الحدود الجغرافية المصطنعة وتحقيق تطور اقتصادي أكبر ومعايير اجتماعية متطورة وراسخة.”

وفي إشارة إلى نجاح بنك الدوحة في الترويج للتنمية المستدامة والشفافية الاجتماعية والمعايير الأخلاقية، قال الدكتور ناصر: “يعد بنك الدوحة نموذجاً واضحا ًعلى قدرة القطاع الخاص على الاستثمار في قطاعات مثل التعليم والصحة لزيادة أرباحه المالية. فعندما تثمّن الشركات تأثيرها على ضوء تمتعها بثقافة كبيرة حول المسؤولية الاجتماعية للشركات، فإنها تسهم في التنمية الاقتصادية من خلال تحسين جودة الحياة ومستواها للرجال والسيدات والبلدان.”

وفي إطار تأكيدها على الحاجة لوجود حكومات ترسم حدوداً دقيقة بين حماية الأسواق وابتكار بيئة عمل بناءة ومثمرة، نوهت السيدة بريتي مالهوترا، المدير التنفيذي لشركة “سمارت جلوبال” الهندية إلى منطقة الشرق الأوسط بوصفها مثالاً جيداً على التنمية الاقتصادية قائلة: “تتيح الحكومات في الشرق الأوسط لا سيما في منطقة الخليج للوافدين والمجموعات الدولية الفرصة للازدهار والمحافظة في الوقت نفسه على الهوية الثقافية المميزة لبلدانهم.”

وأضافت: “يمكن تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال إرساء أفضل الممارسات في الشركات والحوكمة الاجتماعية وتحليل وتطبيق هذه الممارسات في شتى أنحاء العالم لابتكار شيفرة اقتصادية عامة ومعيار اجتماعي قانوني موحد. كما يمكن للمناطق الاقتصادية الموحدة التي تستخدم فيها عملة إقليمية واحدة لعب دور جوهري، فمن شأن هذه المناطق تبسيط الإجراءات الإدارية الجارية في السوق، مما يسهل بدوره العمليات التجارية.”

من جانبه، أشار سعادة السيد سانجيف أرورا، سفير الهند في الدوحة إلى المثل القائل (العالم أسرة واحدة) وإلى الحضارة الهندية التي تعود جذورها العميقة في التاريخ إلى ما يزيد عن 5,000 عاماً الداعية إلى الأخوة العالمية. وفي حديثه عن خطر الإرهاب الذي يهدد العالم بأسره، قال سعادة السيد أرورا: “لا ريب أن الإرهاب هو أخطر التحديات التي يواجهها العالم الحديث، يتوجب علينا دوماً تكثيف جهودنا العالمية المحلية واتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتحقيق التعاون الدولي على أسس قوية ومستدامة ومحاربة كارثة الإرهاب. فلا يمكن أن يكون هناك نهج مختارة للإرهاب.”

ونوه الدكتور مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورجتاون قطر، إلى التحديات والفرص التي توفرها العولمة قائلاً: “تسمح العولمة بتدفق الآليات المتناقضة بجوهرها. وقد مكّنتنا العولمة من الاطلاع الفوري على التطورات والمستجدات الجارية في العالم، كما مكنتنا من إجراء المعاملات التجارية بين ثقافات من مختلف القيم التي أصبحت عالمية. وفي الوقت ذاته، أدت العولمة إلى محي القيم والثقافات وخلقت أشخاص لا يتمتعون بهوية ثابتة، يعانون بشدة من الصراعات الداخلية. ونلحظ نتيجة ذلك تفجر العنف حول العالم.”

وقدم الدكتور توماس والش، رئيس الاتحاد العالمي للسلام، المنظمة غير الحكومية والمركز الاستشاري الخاص لدى مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي شرحاً وافياً حول دور الدول الأممية في العالم المتكامل اقتصادياً، ومما جاء في كلمته: “قد يبدو ظاهرياً أن السوق الحر للاقتصاد العالمي خيار أفضل للأمم إن كانت الأمم صغيرة أو غير موجودة افتراضياً. بيد أن الدول الأممية أفضت إلى وظائف مطلوبة بشكل كبير، ولعل من أكثر الوظائف أهمية المحافظة على مكان للأمن والنظام ودور القانون.”

وأردف قائلاً: “ينبغي مواجهة تحديات كبيرة ومعقدة والتغلب عليها أثناء عبورنا نحو عالم بلا حدود، ولا يقتصر الأمر على مجالات التجارة والتبادل التجاري فقط، بل يتعداه إلى السياسة والإثنية والدين والثقافة والأخلاق. ويوجد في الجوهر سؤال حول المحافظة على النظام ودور القانون والالتزام بالحلول السلمية للصراعات. وينبغي أن تترافق التجارة العالمية مع الأخلاق العالمية والقانون العالمي الراسخ والروحية العالمية أيضاً.”

وأسس الدكتور السيد بي كبي مودي، رئيس مجلس إدارة شركة “سمارت جلوبال”، منتدى المواطن العالمي عام 2013، ويرمي المنتدى إلى الترويج للمواطنة العالمية بوصفها طريقة للحياة ومد الجسور بين الحدود الاصطناعية والعالم الحقيقي من خلال التقنية. ويقام المنتدى سنوياً ويجمع ممثلين حكوميين ومتحدثين بارزين وناشطين في العمل الخيري، بالإضافة إلى مستشارين ماليين وقانونيين وأسريين وخبراء من مختلف القطاعات وقادة أعمال وأفراد من أصحاب الثروات ومشاهير يتمتعون بأهمية كبيرة في مجتمعاتهم.